«كارت المعلومات الجنائية» هو صحيفة سوابق المتهم، الذى سبق حصوله على حكم قضائي فى قضية ما، سواء قضاه أم لم يقضه، أو سبق اتهامه من قبل النيابة العامة فى قضية ما دون صدور حكم ضده، ويظل عالقًا بجبين المتهم طيلة حياته، إذ لا يُمحى من صحيفته بقسم التسجيل الجنائي بسجلات مصلحة الأمن العام، وهو ما يعرض بعض هؤلاء للظلم، ويجعلهم غالبًا موضع شبهة فى أعين ضباط المباحث.
كارت المعلومات يقدم للمحكمة رفقة أوراق قضية اتهام أحد الأشخاص فى قضية ما، حتى يتسنى للقاضي معرفة نشاط المتهم وكذا الجريمة التى ارتكبها فى وقت سابق، حتى إن القاضي يصدر حكمًا مغلظًا على المتهم حال ارتكابه جريمة مماثلة لتلك التى سبق وارتكبها ووردت بسجله الجنائي، تطبيقًا لما يٌعرف بـ«جريمة العود».
وإذا أقررنا أنه لا مانع من التسجيل الجنائي للمتهم المحكوم عليه فى قضية جنائية، حتى يتسنى لضابط المباحث التعرف على نشاطه وسجله، إذا ما ألقى القبض عليه فى واقعة أخرى، إلا أنه يعتبر تحديًا للقانون أن يظل المتهم خاضعًا للعقاب والبطش من قبل ضابط المباحث طيلة حياته، بسبب سابقة اتهامه فى قضية ما، حصل فيها على حكم بالبراءة أو استبعدته النيابة منها منذ البداية، ولم تصدر قرارًا بإحالته إلى المحكمة.
فإن العقوبة التى يرتكبها أى مواطن لا تُمحى من سجلات الأمن العام، موضحًا أن المتهم حين يرتكب أى واقعة جنائية، ويحصل على حكم نهائي سواء أمضى العقوبة أم لا، يتم تسجيله فى قسم التسجيل الجنائي، بما يعرف بـ«صحيفة سوابق المتهم»، لبيان نوع الجريمة، التى ارتكبها ومدة العقوبة التى قضاها، وذلك بغرض التفرقة بين الشخص السوي وغير السوي.
حيث أنه حتى فى حال السفر للخارج إلى السعودية مثلاً لأداء فريضة الحج، يُطلب من المسافر صحيفة الحالة الجنائية، للتحقق من سابقة قيام أشخاص بارتكاب جرائم نشل فى السعودية فى موسم الحج تحديدًا من عدمه، ولذا فيكون كارت المعلومات هامًا فى تلك الأمور.
وضابط المباحث أحيانًا ما يستخدم كارت المعلومات بشكل خاطئ، تجاه المتهم المقبوض عليه، كأن يضايقه على سبيل المثال أو يؤنبه بشكل مهين، غير أن ذلك يُحاسب عليه قانونًا، فينبغي على الضابط حسن التعامل مع الجميع، وعدم تجاوز القانون
موقف القضاء من هذا الامر
دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، أصدرت حكمًا ألزمت فيه وزارة الداخلية بعدم إدراج أسماء المواطنين في «كارت المعلومات الجنائية» إلا بالنسبة للخطرين على الأمن العام، وأن تراعي التحديث المستمر للبيانات، التي قامت بإدراجها ومتابعة ما يتم بشأنها لدى الجهات المعنية (النيابة العامة أوالمحاكم الجنائية).
كيفية ازالة اسم المتهم من كارت المعلومات الجنائية
يتم ذلك من خلال اقامة دعوى امام مجلس الدولة بالغاء القرار السلبى بالامتناع عن ازالة اسم من كارت المعلومة الجنائية ، حيث ألغت محكمة مجلس الدولة، قرار «الداخلية» بإدراج اسم اثنين من الموطنين الأول بمحافظة الجيزة، والآخر بمحافظة البحيرة، ضمن المسجلين جنائيًا، باعتبارهما متهمين في قضايا حصلا على البراءة فيها، حرصًا على سمعتهما ومستقبل أبنائهما وأقاربهما وذويهما.
وقالت المحكمة، في أسباب حكمها، إن وزارة الداخلية ملزمة بعقد المواءمة بين حقها في الحفاظ على الأمن العام واستخدام التكنولوجيا (كارت المعلومات) في رصد تحركات المجرمين لمنع الجريمة قبل وقوعها، وإيجاد الوسائل للحيلولة دون أن يتحول ما يثبت في التسجيل الجنائي من السلوك الإجرامي إلى مخاطر تضر بالمجتمع، وبين الحفاظ على حريات المواطنين واحترام الأحكام القضائية الصادرة لصالحهم أو القواعد القانونية الحاكمة التي تمنح لهم حقًا.
وأكدت المحكمة، أن الأصل في الإنسان البراءة، ولا يجوز نقضها إلا من خلال القانون وبحكم قضائي تكفل فيه للمتهم كل ضمانات الدفاع عن نفسه.
وأشارت المحكمة، إلى أن المشرع اختص «الشرطة» بالمحافظة على النظام العام والأمن العام والآداب العامة، وأناط بها العمل على منع وقوع الجرائم وضبط مرتكبيها وتقديمهم للعدالة صونًا للمجتمع وحفاظًا على المصلحة العامة، الأمر الذي يجيز لها أن تتخذ من الإجراءات والتدابير ما يكفل تحقيق ذلك وحفظ الأمن وتعقب الخارجين عنه، بحيث يكون لها تسجيل هؤلاء في سجلات محددة وترصد بياناتهم وما يتعلق بالجرائم التي ثبتت في حقهم على أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بها.
واستطردت المحكمة موضحةً أنه لا يجوز لوزارة الداخلية التضحية بأصل البراءة المشار إليه الذي تكفله القواعد الدستورية، إذ لا يكفي أن يكفل للمواطنين حرية أو حقًا ما دون وسائل إجرائية مشروعة ملزمة تصونه، ويكون اتباعها ملزمًا واحترامها واجبًا، ومن ثم يتعين على وزارة الداخلية أن تناغم بميزان دقيق بين حقها في اتخاذ إجراءات المحافظة على النظام العام.
وركزت المحكمة فى شرحها للحكم، على أنه يتعين فرض قيود على الجهة الأمنية، فلا تقوم إلا بإدراج الخطرين على الأمن العام فيما يسمى «كارت المعلومات الجنائية»، وأن تراعي التحديث المستمر للبيانات التي قامت بإدراجها ومتابعة ما يتم بشأنها لدى الجهات المعنية لرصد ما صدر منها من استبعاد الشخص من الاتهام، وأوامر الحفظ أو الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وما صدر من أحكام بالبراءة أو بسقوط الدعوى الجنائية أو سقوط العقوبة بمضى المدة، أو الحكم برد الاعتبار، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التسجيل الجنائي وهو إجراء وقائي احترازي تمارسه جهة الإدارة يتعين أن لا يمتد أثره للنيل من حقوق الأفراد وحرياتهم أو اتخاذه وسيلة للتنكيل بهم.
وأوضحت المحكمة، أنه يتعين لضمان سلامة التسجيل الجنائي أن يتضمن هذا التسجيل حقائق جنائية ثابتة ومبنية على قرارات أو أحكام قضائية فاصلة، وأن تراجع تلك البيانات دوريًا لتحديث ما ورد بها من معلومات لتصحيح الأخطاء الواردة بها، واستكمال البيانات التي وردت بشأنها حتى لا يؤاخذ صاحبها بغير حق أو تدمغ سمعته بالباطل، أو تضفى ظلالًا من الشك حول سيرته.
إن كارت المعلومات، فى أحيان كثيرة يسبب مشكلات كبيرة نتيجة تشابه الأسماء بين الأشخاص الخطرين وآخرين غير مطلوبين على ذمة قضايا، ويتعمد بعد ضباط المباحث أحيانًا فى إضافة قضايا التيار الكهربائي وجنح الضرب وكذا مخالفات المرور وقضايا تبديد المنقولات، رغم كونها اتهامات بسيطة فى كارت المعلومات، رغم أنه ينبغي التفريق بين تلك القضايا وغيرها من القضايا الجنائية الكبرى التى يرتكبها المسجلو خطر كالسرقة والمخدرات وحيازة السلاح والسطو المسلح وغيرها، كى لا يصبح كارت المعلومات سيفًا مسلطًا على رقاب كل من أذنب ولو كان ذنبًا بسيطًا أو مجرد مخالفة.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق