8/03/2021

عدم دستورية فقرتين بقانون الأسلحة والذخائر بشأن مصادرة السلاح بعد سحبه أو إلغاء ترخيصه أو عدم تصرف الورثة فيه

 

عدم دستورية فقرتين بقانون الأسلحة والذخائر بشأن مصادرة السلاح بعد سحبه أو إلغاء ترخيصه أو عدم تصرف الورثة فيه

قضت المحكمة الدستورية العليا،  بعدم دستورية صدر الفقرة الرابعة من المادة الرابعة، والفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون الأسلحة والذخائر رقم 394 لسنة 1954 المعدلتين عامي 1958 و1978 بشأن إجراءات التصرف في السلاح الناري بعد سحبه أو إلغاء الترخيص باستخدامه، للمالك أو ورثته، إذا لم يتيسر التصرف فيه خلال سنة بالنسبة للمالك وخمس سنوات بالنسبة للورثة، واعتبار انقضاء هذه المدة تنازلًا للدولة عن ملكية السلاح، وسقوط الحق في التعويض عنه.
وقضت المحكمة بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال أثره، مما يعني عدم انطباقه على الحالات السابقة بأثر رجعي.
أقام الدعوى ورثة مواطن كان قد حصل على ترخيص سلاح ثم توفي عام 2001، وأودع الورثة السلاح بمركز شرطة كوم حمادة بالبحيرة التزاما بالنص القانوني، وأثناء سير نجله الأكبر في إجراءات إعادة ترخيص السلاح ذاته بعد بضع سنوات، فوجئ بإخباره بأن السلاح تعرض للسرقة في أحداث 25 يناير 2011، فاعتبر الورثة ذلك إهمالا جسيما وطالبوا بالتعويض، فأقاموا دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالبحيرة، والتي ارتأت وجود شبهة عدم دستورية في نص المادتين 4 و10 من قانون الأسلحة والذخيرة.
حيث تنص الفقرتان الرابعة والخامسة من المادة الرابعة من القانون على أنه ".. وللمرخص له أن يتصرف في السلاح الذي أودعه بقسم البوليس خلال سنة من تاريخ تسليمه إلى البوليس فإذا لم يتيسر له التصرف خلال هذه المدة اعتبر ذلك تنازلاً منه للدولة عن ملكية السلاح وسقط حقه في التعويض وتحسب مدة السنة بالنسبة إلى القصر وعديمي الأهلية اعتباراً من تاريخ إذن الجهات المختصة بالتصرف في السلاح. وتخصص الأسلحة التي آلت إلى الدولة، لوزارة الداخلية".
بينما تنص المادة العاشرة على أن "يعتبر الترخيص ملغياً في الأحوال الآتية: فقد السلاح، التصرف في السلاح طبقاً للقانون، الوفاة. وتسري على ذوي الشأن الأحكام الواردة في الفقرات الثلاث الأخيرة من المادة (4) من هذا القانون على أن تكون مدة التصرف في السلاح خمس سنوات".
ومفاد تطبيق المادتين أن المشرع اعتبر ترخيص السلاح ملغيا بقوة القانون في عدة حالات، من بينها وفاة المرخص له بحمل السلاح، وذلك تأكيدا لمبدأ شخصية الترخيص بحمل السلاح، ومن ثم يتبع بشأن السلاح المرخص به للمتوفي نفس إجراءات حالة سحب ترخيص السلاح مؤقتا أو إلغائه، متمثلة في تسليم الورثة للسلاح إلى قسم الشرطة، ويجوز لهم التصرف في السلاح المودع خلال خمس سنوات من تاريخ تسليمه، فإن لم يتم هذا التصرف في المدة المحددة، كان ذلك بمثابة تنازل عن ملكية السلاح للدولة ممثلة في وزارة الداخلية، ويسقط حق الورثة في التعويض.
وقال المستشار محمود غنيم، نائب رئيس المحكمة ورئيس المكتب الفني، إن هذا الحكم تأسس على أسباب حاصلها أن أحكام هذين النصين نالا من الحماية المقررة لحق الملكية الخاصة، بتجريدها من جوهرها، إذ أعاقا استمرارها لأصحابها لمجرد عدم تيسر تصرفهم في السلاح ملكهم، خلال مدة زمنية محددة، حال أنها واقعة تخرج بطبيعتها عن عناصر ذلك الحق. وعلق النصان استمرار ملكية السلاح لذويه على مكنة التصرف فيه خلال مدة تحددها صفة المتصرف، على نحو عدل من طبيعة حق الملكية، وناقض خصائصه، فانحل ذلك عدوانًا على الحق ذاته، وافتئاتًا على مال خاص، أدى إلى مصادرته، بغير حكم قضائي.
واعتبرت محكمة القضاء الإداري التي أحالت النصوص أن هذا التنظيم يخالف المواد الدستورية التي تحمي حق الملكية الخاصة وتحظر فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبنية في القانون وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل، وكذلك التي تحظر المصادرة العامة للأموال ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي (المواد 33 و35 و40 من الدستور).
وخلال تحضير الدعوى بالمحكمة الدستورية، أودعت هيئة مفوضي المحكمة تقريرا أعده المستشار د. طارق عبدالقادر عرض الأوجه المختلفة للقضية من بحث مدى قبولها إلى الآراء المختلفة حول دستورية النصوص المطعون فيها.
ومن بين أسانيد رأي عدم دستورية النصوص، والذي أخذت به المحكمة الدستورية العليا في حكمها، ذكر التقرير أن إلغاء ترخيص السلاح للوفاة لا يغير طبيعته كمال متقوم ذي قيمة مالية، بما كان يتعين معه إعمال القواعد المقررة دستوريا في شأن حماية الملكية الخاصة وفقا للمادتين 33 و35 من الدستور.
واستدل هذا الرأي بما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون 26 لسنة 1978 الذي أضيفت بموجبه الفقرة الخاصة بأيلولة الأسلحة التي لم يتم التصرف فيها إلى وزارة الداخلية، عندما أشارت إلى أن "الشرطة كثيرا ما تكون في حاجة إلى تزويد أفرادها بهذه الأسلحة، أو على الأقل بالأنواع المتطورة والحديثة منها" مما يعني أن المشرع قد أقر بأن هذه الأسلحة تشكل في ذاتها قيمة مالية، على نحو تصلح معه بأن تكون من الأموال المتقومة، التي تصلح للتعامل عليها، مما يوجب الالتزام بالضوابط الدستورية حال رغبة الدولة في الحصول عليها.
وأشار التقرير في هذا الصدد إلى أن القوام القانوني لحق الملكية هو أنه حق دائم، لا يزول بعدم الاستعمال، ولا تنقضي دعوى المطالبة به مهما طال الزمن عليها، وهو ما تتجاوزه المادة الرابعة من قانون الأسلحة والذخائر، فتسقط الحق في ملكية سلاح المرخص له سلفا دون مقابل، من خلال إقامته قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس، مفادها أن انقضاء المواعيد المقررة تعني تنازل الورثة عن سلاح مورثهم، حتى وإن لم يتيسر لهم ذلك.
ويترتب على هذه الرؤية في ميزان الدستورية أن هذه الإجراءات نالت من حق الملكية، في جوهر ما يختص به، وخرجت عن طبيعته الدائمة، فصارت عدوانا على الحق، بالمخالفة للمادة 35 من الدستور.
ويدعم ذلك أن صياغة المادة الرابعة من القانون تكشف أن المشرع -بالمخالفة للدستور- قد انتقل من مرحلة التسليم بملكية السلاح للورثة إلى مرحلة نقيضة بالكلية، يفقد فيها الورثة ملكيتهم، ويسقط حقهم في السلاح، دون ذنب أو جريرة اقترفوها، والتنظيم على هذا النحو -بحسب التقرير- يكون أقرب لكونه عقوبة، ويكون أقرب في طبيعته للمصادرة الإدارية المحظورة منذ دستور 1971.
فالسلطة التقديرية التي يتمتع بها المشرع للاختيار من بين بدائل متعددة مستهدفا المصلحة العامة، لا يجوز أن تنطوي على ما يعتبر "أخذا للملكية من أصحابها" ولا يجوز العدوان على هذه الملكية بما يعتبر "إقحاما ماديا لها" أيا كانت المدة التي يمتد إليها غصبها، ولا "اقتلاع المزايا التي تنتجها أو ترتبط بمقوماتها" بل إن إنكار هذه المزايا عن المالكين يعادل في آثاره الاستيلاء على أملاكهم فعلا، بما مؤداه -وفقا لمبادئ مستقرة من المحكمة الدستورية- حظر تقييد الملكية فيما يجاوز نطاق وظيفتها الاجتماعية، لا سيما وأن أيلولة السلاح في الحالة المعروضة لا تعد تدبيرا احترازيا متصلا بأشياء تكمن فيها خطورة إجرامية أو أن استعمالها أو حيازتها أو بيعها يعد جريمة في ذاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزه

لو عاوز تحفظ حقك وتؤجر شقتك وانته مطمن وتقدر تطرد المستأجر فى اى وقت من غير قضية لازم تعمل الاجراء ده ؟

                 بسم الله الرحمن الرحيم             ( مستشارك القانونى محمود عبدالرحمن ) موقع قانونى   نجيب فيه على الاسئلة القانونية الت...